المرأة الضحية الأولى للعولمة
مصطفى العوزي
بعد نهاية فترة الحرب الباردة التي ميزت سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية ، و بالضبط في بدايات التسعينات من القرن الماضي ، أشعلت نيران عهد جديد اصطلح على خاصيته الأساسية و الميزة الأم له بمفهوم العولمة ، هذا الأخير الذي يعد من أشد المفاهيم تعقيدا و أكثرها تداولا في عصرنا الحالي ، و العولمة باختصار و كما وردت في أكثر من تعريف ، هي اختزال للتغيرات الثقافية عندما تصبح البلدان مرتبطة بالأسواق العالمية بالشكل الذي تصبح فيه هذه الأسواق مسيطرة على كل أنماط حياة الناس في المجتمعات على اختلافها ، و من أشد ما يمكن الحديث عنه في ظل النقاش الدائر حول هذا المفهوم أو الظاهرة كما وصفها الكثيرون ، هو مدى الآثار السلبية التي تخلفها العولمة ، و لنذكر على سبيل المثال لا الحصر أثار العولمة على المرأة بالعالم عامة و بالعالم العربي بشكل خاص - بما أننا احتفلنا في بداية هذا الشهر باليوم العالمي للمرأة – فللعولمة أثار سلبية كبيرة تمس المرأة أكثر من الرجل ، و في مقدمة هذه الآثار كون أن العولمة تخلف أخطار صحية بسبب التلوث الكبير المصاحب لعملية التصنيع التي تزايدت بشكل أكثر من ذي قبل في ظل زمن العولمة ، و هناك أيضا أضرار على المستوى الاقتصادي تمس المرأة و من أهمها كون أن الاستثمارات الأجنبية و كذا اتفاقيات التجارة الحرة ستتثني من قائمة القطاعات الاقتصادية التي تهتم بها ، القطاعات التي تشغل الإناث كالفلاحة و النسيج ،و في المقابل تركز على القطاعات الصناعية التي تشغل تقليديا الذكور خصوصا في الدول العربية كالصناعة الكيماوية و صناعة الصلب . و عندما يتم الحديث عن آفة البطالة التي يعتبرها الكثير من الخبراء من نواتج العولمة حيث أدى الاستخدام المكثف للآليات إلى تصريح أو الاستغناء عن الكثير من اليد العاملة ، فان الكثير يعتبر أن السبب الرئيسي للبطالة هو خروج المرأة لسوق العمل و الذي أدى إلى مزاحمة الرجل في محاولة للتناسي و الإغفال عن الأسباب الحقيقية للأمر، و في هذا ضرب لمبدأ المساواة الذي يعد جوهر الحياة البشرية ، و الدافع الأساس لنهوض المجتمعات من تقاعسها و تخلفها